فصل: من فوائد الشنقيطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والْمَعْنَى الثَّانِي فِي لَفْظِ السَّلَفِ- وَهُوَ الثَّالِثُ مِنْ مُسَمَّى التَّأْوِيلِ مُطْلَقًا-: هُوَ نَفْسُ الْمُرَادِ بِالْكَلَامِ فَإِنَّ الْكَلَامَ إنْ كَانَ طَلَبًا كَانَ تَأْوِيلُهُ نَفْسَ الْفِعْلِ الْمَطْلُوبِ وَإِنْ كَانَ خَبَرًا كَانَ تَأْوِيلُهُ نَفْسَ الشَّيْءِ الْمُخْبَرِ بِهِ. وَبَيْنَ هَذَا الْمَعْنَى وَاَلَّذِي قَبْلَهُ بَوْنٌ؛ فَإِنَّ الَّذِي قَبْلَهُ يَكُونُ التَّأْوِيلُ فِيهِ مِنْ بَابِ الْعِلْمِ وَالْكَلَامِ كَالتَّفْسِيرِ وَالشَّرْحِ وَالْأيضاحِ وَيَكُونُ وُجُودُ التَّأْوِيلِ فِي الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ لَهُ الْوُجُودُ الذِّهْنِيُّ وَاللَّفْظِيُّ وَالرَّسْمِيُّ. وَأَمَّا هَذَا فَالتَّأْوِيلُ فِيهِ نَفْسُ الْأُمُورِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْخَارِجِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَاضِيَةً أَوْ مُسْتَقْبَلَةً. فَإِذَا قِيلَ: طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَتَأْوِيلُ هَذَا نَفْسُ طُلُوعِهَا. وَيَكُونُ التَّأْوِيلُ مِنْ بَابِ الْوُجُودِ الْعَيْنِيِّ الْخَارِجِيِّ فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ هُوَ الْحَقَائِقُ الثَّابِتَةُ فِي الْخَارِجِ بِمَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ صِفَاتِهَا وَشُؤُونِهَا وَأَحْوَالِهَا وَتِلْكَ الْحَقَائِقُ لَا تُعْرَفُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْكَلَامِ وَالْإِخْبَارِ إلَّا أن يكون الْمُسْتَمِعُ قَدْ تَصَوَّرَهَا أَوْ تَصَوَّرَ نَظِيرَهَا بِغَيْرِ كَلَامٍ وَإِخْبَارٍ؛ لَكِنْ يَعْرِفُ مِنْ صِفَاتِهَا وَأَحْوَالِهَا قَدْرَ مَا أَفْهَمَهُ الْمُخَاطِبُ: إمَّا بِضَرْبِ الْمَثَلِ وَإِمَّا بِالتَّقْرِيبِ وَإِمَّا بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا وَإِمَّا بِغَيْرِ ذَلِكَ. وَهَذَا الْوَضْعُ وَالْعُرْفُ الثَّالِثُ هُوَ لُغَةُ الْقُرْآنِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا. وَقَدْ قَدَّمْنَا التَّبْيِينَ فِي ذَلِكَ. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِيُوسُفَ: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} وَقوله: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} {قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا} وَقَوْلُ الْمَلَأِ: {أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ} {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِي} وَقَوْلُ يُوسُفَ لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَهْلُهُ مِصْرَ {آوَى إلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إنْ شَاءَ الله آمِنِينَ} {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا}. فَتَأْوِيلُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي هِيَ رُؤْيَا الْمَنَامِ هِيَ نَفْسُ مَدْلُولِهَا الَّتِي تُؤَوَّلُ إلَيْهِ كَمَا قَالَ يُوسُفُ: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} وَالْعَالِمُ بِتَأْوِيلِهَا: الَّذِي يُخْبِرُ بِهِ. كَمَا قَالَ يُوسُفُ: {لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ} أَيْ فِي الْمَنَامِ {إلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا} أَيْ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا التَّأْوِيلُ.
وَقَالَ الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى الله وَالرَّسُولِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} قَالُوا: أَحْسَنُ عَاقِبَةً وَمَصِيرًا. فَالتَّأْوِيلُ هُنَا تَأْوِيلُ فِعْلِهِمْ الَّذِي هُوَ الرَّدُّ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَالتَّأْوِيلُ فِي سُورَةِ يُوسُفَ تَأْوِيلُ أَحَادِيثِ الرُّؤْيَا. وَالتَّأْوِيلُ فِي الْأَعْرَافِ وَيُونُسَ تَأْوِيلُ الْقُرْآنِ وَكَذَلِكَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ. وَقال تعالى فِي قِصَّةِ مُوسَى وَالْعَالِمِ: {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} إلَى قوله: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} فَالتَّأْوِيلُ هُنَا تَأْوِيلُ الْأَفْعَالِ الَّتِي فَعَلَهَا الْعَالِمُ مِنْ خَرْقِ السَّفِينَةِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا وَمِنْ قَتْلِ الْغُلَامِ وَمِنْ إقَامَةِ الْجِدَارِ فَهُوَ تَأْوِيلُ عَمَلٍ لَا تَأْوِيلُ قَوْلٍ. وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ مَصْدَرُ أَوَّلَهُ يُؤَوِّلُهُ تَأْوِيلًا مِثْلَ حَوَّلَ تَحْوِيلًا وَعَوَّلَ تَعْوِيلًا. وَأَوَّلَ يُؤَوِّلُ تُعَدِّيهِ آلَ يَئُولُ أَوْلًا مِثْلَ حَالَ يَحُولُ حَوْلًا. وَقَوْلُهُمْ: آلَ يَئُولُ أَيْ عَادَ إلَى كَذَا وَرَجَعَ إلَيْهِ وَمِنْهُ الْمَآلُ وَهُوَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ الشَّيْءُ وَيُشَارِكُهُ فِي الِاشْتِقَاقِ الْأَكْبَرِ الْمَوْئِلُ فَإِنَّهُ مِنْ وَأَلَ وَهَذَا مِنْ أَوِلَ. وَالْمَوْئِلُ الْمَرْجِعُ قال تعالى: {لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا}. وَمِمَّا يُوَافِقُهُ فِي اشْتِقَاقِهِ الْأَصْغَرِ الْآلُ فَإِنَّ آلَ الشَّخْصِ مَنْ يَئُولُ إلَيْهِ؛ وَلِهَذَا لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي عَظِيمٍ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمُضَافُ إلَيْهِ أَعْظَمَ مِنْ الْمُضَافِ يَصْلُحُ أَنْ يَئُولَ إلَيْهِ الْآلُ كَآلِ إبْرَاهِيمَ وَآلِ لُوطٍ وَآلِ فِرْعَوْنَ بِخِلَافِ الأهل وَالْأَوَّلُ أَفْعَلُ لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي تَأْنِيثِهِ أُولَى كَمَا قَالُوا جُمَادَى الأولى. وَفِي الْقَصَصِ: {لَهُ الْحَمْدُ فِي الأولى وَالْآخِرَةِ}. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: فَوْعَلَ وَيَقُولُ: أولة. إلَّا أَنَّ هَذَا يَحْتَاجُ إلَى شَاهِدٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ؛ بَلْ عَدَمُ صَرْفِهِ يَدُلُّ عَلَى أنه أَفْعَل لَا فَوْعَلَ فَإِنَّ فَوْعَلَ مِثْلُ كوثر وَجَوْهَرٍ مَصْرُوفٌ، سُمِّيَ الْمُتَقَدِّمُ أَوَّلَ- وَالله أَعْلَمُ- لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ يَئُولُ إلَيْهِ وَيُبْنَى عَلَيْهِ فَهُوَ أُسٌّ لِمَا بَعْدَهُ وَقَاعِدَةٌ لَهُ. وَالصِّيغَةُ صِيغَةُ تَفْضِيلٍ لَا صِفَةٍ مِثْلُ أَكْبَرَ وَكُبْرَى وَأَصْغَرَ وَصُغْرَى لَا مِنْ بَابِ أَحْمَرَ وَحَمْرَاءَ؛ وَلِهَذَا يَقُولُونَ: جِئْته مِنْ أَوَّلِ أَمْسِ وَقَالَ: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} فَإِذَا قِيلَ هَذَا أَوَّلُ هَؤُلَاءِ فَهُوَ الَّذِي فُضِّلَ عَلَيْهِمْ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَرْجِعُ إلَى مَا قَبْلَهُ فَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ وَهَذَا السَّابِقُ كُلُّهُمْ يَئُولُ إلَيْهِ فَإِنَّ مَنْ تَقَدَّمَ فِي فِعْلٍ فَاسْتَنَّ بِهِ مَنْ بَعْدَهُ كَانَ السَّابِقَ الَّذِي يَئُولُ الْكُلُّ إلَيْهِ فَالْأَوَّلُ لَهُ وَصْفُ السُّؤْدُدِ وَالِاتِّبَاعِ. وَلَفْظُ الْأَوَّلِ مُشْعِرٌ بِالرُّجُوعِ وَالْعَوْدِ والْأَوَّلُ مُشْعِرٌ بِالِابْتِدَاءِ وَالْمُبْتَدَأِ؛ خِلَافَ الْعَائِدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ أَوَّلًا لِمَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُقَالُ:
أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ وأَوَّلُ يَوْمٍ فَمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الرُّجُوعِ وَالْعَوْدِ هُوَ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ لَا لِلْمُضَافِ. وَإِذَا قُلْنَا: آلُ فُلَانٍ فَالْعَوْدُ إلَى الْمُضَافِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صِيغَةُ تَفْضِيلٍ فِي كَوْنِهِ مَآلًا وَمَرْجِعًا لِغَيْرِهِ لِأَنَّ كَوْنَهُ مُفَضَّلًا دَلَّ عَلَى أنه مَآلٌ وَمَرْجِعٌ لَا آيِلٌ رَاجِعٌ؛ إذْ لَا فَضْلَ فِي كَوْنِ الشَّيْءِ رَاجِعًا إلَى غَيْرِهِ آيِلًا إلَيْهِ وَإِنَّمَا الْفَضْلُ فِي كَوْنِهِ هُوَ الَّذِي يُرْجَعُ إلَيْهِ وَيُؤَالُ إلَيْهِ. فَلَمَّا كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ تَفْضِيلٍ أَشْعَرَتْ بأنه مُفَضَّلٌ فِي كَوْنِهِ مَآلًا وَمَرْجِعًا وَالتَّفْضِيلُ الْمُطْلَقُ فِي ذَلِكَ يَقْتَضِي أن يكون هُوَ السَّابِقَ الْمُبْتَدِئَ وَالله أَعْلَمُ. فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ مَا أَوَّلَهُ إلَيْهِ الْمُتَكَلِّمُ أَوْ مَا يُؤَوَّلُ إلَيْهِ الْكَلَامُ أَوْ مَا تَأَوَّلَهُ الْمُتَكَلِّمُ؛ فَإِنَّ التَّفْعِيلَ يَجْرِي عَلَى غَيْرِ فِعْلٍ كَقَوْلِ: {وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلًا} فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ تَأَوَّلَ الْكَلَامُ إلَى هَذَا الْمَعْنَى تَأْوِيلًا وَتَأَوَّلْت الْكَلَامَ تَأْوِيلًا وَأَوَّلْت الْكَلَامَ تَأْوِيلًا. وَالْمَصْدَرُ وَاقِعٌ مَوْقِعَ الصِّفَةِ إذْ قَدْ يَحْصُلُ الْمَصْدَرُ صِفَةً بِمَعْنَى الْفَاعِلِ كَعَدْلِ وَصَوْمٍ وَفِطْرٍ وَبِمَعْنَى الْمَفْعُولِ كَدِرْهَمِ ضَرْبِ الْأَمِيرِ وَهَذَا خَلْقُ الله. فَالتَّأْوِيلُ: هُوَ مَا أُوِّلَ إلَيْهِ الْكَلَامُ أَوْ يُؤَوَّلُ إلَيْهِ أَوْ تَأَوَّلَ هُوَ إلَيْهِ. وَالْكَلَامُ إنَّمَا يَرْجِعُ وَيَعُودُ وَيَسْتَقِرُّ وَيَؤُولُ وَيُؤَوَّلُ إلَى حَقِيقَتِهِ الَّتِي هِيَ عَيْنُ الْمَقْصُودِ بِهِ كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ فِي قوله: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ} قَالَ حَقِيقَةٌ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ خَبَرًا فَإِلَى الْحَقِيقَةِ الْمُخْبَرِ بِهَا يَئُولُ وَيَرْجِعُ وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ لَهُ حَقِيقَةٌ وَلَا مَآلٌ وَلَا مَرْجِعٌ بَلْ كَانَ كَذِبًا وَإِنْ كَانَ طَلَبًا فَإِلَى الْحَقِيقَةِ الْمَطْلُوبَةِ يَئُولُ وَيَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودُهُ مَوْجُودًا وَلَا حَاصِلًا. وَمَتَى كَانَ الْخَبَرُ وَعْدًا أَوْ وَعِيدًا فَإِلَى الْحَقِيقَةِ الْمَطْلُوبَةِ الْمُنْتَظَرَةِ يَئُولُ كَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه تَلَا هَذِهِ الْآية: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} قَالَ: «إنَّهَا كَائِنَةٌ وَلَمْ يَأْتِ تَأْوِيلُهَا بَعْدُ» وَعَنْ عَبْدِ الله قَالَ: خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ الْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ وَالدُّخَانُ وَالْقَمَرُ وَالرُّومُ.

.فصل: [إدخال أسماء الله تعالى وصفاته في المتشابه]:

وَأَمَّا إدْخَالُ أَسْمَاءِ الله وَصِفَاتِهِ أَوْ بَعْضِ ذَلِكَ فِي الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا الله. أَوْ اعْتِقَادُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُتَشَابِهُ الَّذِي اسْتَأْثَرَ الله بِعِلْمِ تَأْوِيلِهِ كَمَا يَقُولُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ طَوَائِفُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ. فَإِنَّهُمْ وَإِنْ أَصَابُوا فِي كَثِيرٍ مِمَّا يَقُولُونَهُ وَنَجَوْا مِنْ بِدَعٍ وَقَعَ فِيهَا غَيْرُهُمْ فَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: مَنْ قَالَ: إنَّ هَذَا مِنْ الْمُتَشَابِهِ وَأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ فَنَقُولُ أَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ فَإِنِّي مَا أَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَلَا مِنْ الْأَئِمَّةِ لَا أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَلَا غَيْرِهِ أنه جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الْمُتَشَابِهِ الدَّاخِلِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَنَفَى أَنْ يَعْلَمَ أَحَدٌ مَعْنَاهُ. وَجَعَلُوا أَسْمَاءَ الله وَصِفَاتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ الْأَعْجَمِيِّ الَّذِي لَا يُفْهَمُ وَلَا قَالُوا: إنَّ الله يُنْزِلُ كَلَامًا لَا يَفْهَمُ أَحَدٌ مَعْنَاهُ وَإِنَّمَا قَالُوا كَلِمَاتٍ لَهَا مَعَانٍ صَحِيحَةٌ. قَالُوا فِي أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ: تَمُرُّ كَمَا جَاءَتْ. وَنَهَوْا عَنْ تَأْوِيلَاتِ الْجَهْمِيَّة وَرَدُّوهَا وَأَبْطَلُوهَا الَّتِي مَضْمُونُهَا تَعْطِيلُ النُّصُوصِ عَمَّا دَلَّتْ عَلَيْهِ. وَنُصُوصُ أَحْمَد وَالْأَئِمَّةِ قَبْلَهُ بَيِّنَةٌ فِي أَنَّهُمْ كَانُوا يُبْطِلُونَ تَأْوِيلَاتِ الْجَهْمِيَّة وَيُقِرُّونَ النُّصُوصَ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ مَعْنَاهَا وَيَفْهَمُونَ مِنْهَا بَعْضَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ كَمَا يَفْهَمُونَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ نُصُوصِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالْفَضَائِلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَأَحْمَد قَدْ قَالَ فِي غَيْرِ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ: تَمُرُّ كَمَا جَاءَتْ وَفِي أَحَادِيثِ الْوَعِيدِ مِثْلَ قوله: {مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا} وَأَحَادِيثِ الْفَضَائِلِ وَمَقْصُودُهُ بِذَلِكَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَا يُحَرَّفُ كَلِمُهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ مَنْ يُحَرِّفُهُ وَيُسَمَّى تَحْرِيفُهُ تَأْوِيلًا بِالْعُرْفِ الْمُتَأَخِّرِ.
فَتَأْوِيلُ هَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ تَحْرِيفٌ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ نَصُّ أَحْمَد فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الزَّنَادِقَةِ وَالْجَهْمِيَّة أَنَّهُمْ تَمَسَّكُوا بِمُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ وَتَكَلَّمَ أَحْمَد عَلَى ذَلِكَ الْمُتَشَابِهِ وَبَيَّنَ مَعْنَاهُ وَتَفْسِيرَهُ بِمَا يُخَالِفُ تَأْوِيلَ الْجَهْمِيَّة وَجَرَى فِي ذَلِكَ عَلَى سُنَنِ الْأَئِمَّةِ قَبْلَهُ. فَهَذَا اتِّفَاقٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ عَلَى أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ مَعْنَى هَذَا الْمُتَشَابِهِ وَأَنَّهُ لَا يُسْكَتُ عَنْ بَيَانِهِ وَتَفْسِيرِهِ بَلْ يُبَيَّنُ وَيُفَسَّرُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ لَهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ أَوْ إلْحَادٍ فِي أَسْمَاءِ الله وَآيَاتِهِ.
وَمِمَّا يُوَضِّحُ لَك مَا وَقَعَ هُنَا مِنْ الِاضْطِرَابِ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى إبْطَالِ تَأْوِيلَاتِ الْجَهْمِيَّة وَنَحْوِهِمْ مِنْ الْمُنْحَرِفِينَ الْمُلْحِدِينَ. والتَّأْوِيلُ الْمَرْدُودُ هُوَ صَرْفُ الْكَلَامِ عَنْ ظَاهِرِهِ إلَى مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ. فَلَوْ قِيلَ إنَّ هَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا الله لَكَانَ فِي هَذَا تَسْلِيمٌ للجهمية أَنَّ لِلْآيَةِ تَأْوِيلًا يُخَالِفُ دَلَالَتَهَا لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا الله وَلَيْسَ هَذَا مَذْهَبَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ وَإِنَّمَا مَذْهَبُهُمْ نَفْيُ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ وَرَدُّهَا؛ لَا التَّوَقُّفُ فِيهَا وَعِنْدَهُمْ قِرَاءَةُ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ تَفْسِيرُهَا وَتَمُرُّ كَمَا جَاءَتْ دَالَّةً عَلَى الْمَعَانِي لَا تُحَرَّفُ وَلَا يُلْحَدُ فِيهَا. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُتَشَابِهِ لَا يُعْلَمُ مَعْنَاهُ أَنْ نَقُولَ: لَا رَيْبَ أَنَّ الله سَمَّى نَفْسَهُ فِي الْقُرْآنِ بِأَسْمَاءِ مِثْلِ الرَّحْمَنِ وَالْوَدُودِ وَالْعَزِيزِ وَالْجَبَّارِ وَالْعَلِيمِ وَالْقَدِيرِ وَالرَّءُوفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَوَصَفَ نَفْسَهُ بِصِفَاتِ مِثْلِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ وآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَأَوَّلِ الْحَدِيدِ وَآخِرِ الْحَشْرِ وَقوله: {إنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} و{عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وَأَنَّهُ {يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} و{الْمُقْسِطِينَ} و{الْمُحْسِنِينَ} وَأَنَّهُ يَرْضَى عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} {ذَلِكَ بأنهمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ الله} {وَلَكِنْ كَرِهَ الله انْبِعَاثَهُمْ}.
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} {إلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} {إنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}.
{وَهُوَ الله فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}.
{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}.
{يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}- إلَى أمثال ذَلِكَ. فَيُقَالُ لِمَنْ ادَّعَى فِي هَذَا أنه مُتَشَابِهٌ لَا يُعْلَمُ مَعْنَاهُ: أَتَقُولُ هَذَا فِي جَمِيعِ مَا سَمَّى الله وَوَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ أَمْ فِي الْبَعْضِ؟ فَإِنْ قُلْت: هَذَا فِي الْجَمِيعِ كَانَ هَذَا عِنَادًا ظَاهِرًا وَجَحْدًا لِمَا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الإسلام بَلْ كُفْرٌ صَرِيحٌ. فَإِنَّا نَفْهَمُ مِنْ قوله: {إنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} مَعْنًى وَنَفْهَمُ مِنْ قوله: {إنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} مَعْنًى لَيْسَ هُوَ الْأَوَّلَ وَنَفْهَمُ مِنْ قوله: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} مَعْنًى وَنَفْهَمُ مِنْ قوله: {إنَّ الله عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} مَعْنًى. وَصِبْيَانُ الْمُسْلِمِينَ بَلْ وَكُلُّ عَاقِلٍ يَفْهَمُ هَذَا. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.قال القرطبي:

هذه الآية تعمّ كل طائفة من كافر وزِنديق وجاهل وصاحب بِدعة، وإن كانت الإشارة بها في ذلك الوقت إلى نصارى نجران.
وقال قتادة في تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ}: إن لم يكونوا الحرورية وأنواع الخوارج فلا أدري من هم.
قلت: قد مرّ هذا التفسير عن أبي أمامة مرفوعًا، وحسبك. اهـ.

.من فوائد الشنقيطي:

قال رحمه الله:
قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله}.
يحتمل أن المراد بالتأويل في هذه الآية الكريمة التفسير وإدراك المعنى، ويحتمل أن المراد به حقيقة أمره التي يؤول إليها وقد قدمنا في مقدمة هذا الكتاب أن من أنواع البيان التي ذكرناها فيه أن كون أحد الاحتمالين هو الغالب في القرآن. يبين أن ذلك الاحتمال الغالب هو المراد. لأن الحمل على الأغلب أولى من الحمل على غيره.
وإذا عرفت ذلك فاعلم أن الغالب في القرآن إطلاق التأويل على حقيقة الأمر التي يؤول إليها كقوله: {هذا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ} [يوسف: 100] وقوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} [الأعراف: 53] الآية. وقوله: {بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس: 39] وقوله: {ذلك خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59] إلى غير ذلك من الآيات. قال ابن جرير الطبري: وأصل التأويل من آل الشيء إلى كذا إذا صار إليه ورجع يؤول أولا، وأولته أنا صيرته إليه، وقال: وقد أنشد بعض الرواية بيت الأعشى:
على أنها كانت تأول حبها ** تأول ربعي السقاب فأصحبا

قال: ويعني بقوله: تأول حبها مصير حبها، ومرجعه وإنما يريد بذلك أن حبها كان صغيرًا في قلبه فآل من الصغر إلى العظم، فلم يزل ينبت حتى أصحب فصار قديمًا كالسقب الصغير الذي لم يزل يشب حتى أصحب، فصار كبيرًا مثل أمه. قال وقد ينشد هذا البيت:
على أنها كانت توابع حبها ** توالي ربعي السقاب فأصحبا

وعليه فلا شاهد فيه، والربعي السقب. الذي ولد في أول النتاج ومعنى أصحب انقاد لكل من يقوده، ومنه قول امرئ القيس:
ولست بذي رثية إمر ** إذا قيد مستكرهًا أصحبا

والرثية: وجع المفاصل. والأمر: بكسر الهمزة وتشديد الميم مفتوحة بعدها راء هو الذي يأتمر لكل احد. لضعفه وأنشد بيت الأعشى المذكور الأزهري وصاحب اللسان:
ولكنها كانت نوى أجنبية ** توالى ربعي السقاب فأصحبا

وأطالا في شرحه وعليه فلا شاهد فيه أيضا.
تنبيه: اعلم أن التأويل يطلق ثلاثة إطلاقات:
الأول: هو ما ذكرنا من أنه الحقيقة التي يؤول إليها الأمر، وهذا هو معناه في القرآن.
الثاني: يراد به التفسير والبيان، ومنه بهذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم في ابن عباس: «اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل» وقول ابن جرير وغيره من العلماء، القول في تأويل قوله تعالى: كذا أي: تفسيره وبيانه. وقول عائشة الثابت في الصحيح: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي» يتأول القرآن تعني يمتثله ويعمل به، والله تعالى أعلم.
الثالث: هو معناه المتعارف في اصطلاح الأصوليين، وهو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى محتمل مرجوح بدليل يدل على ذلك، وحاصل تحرير مسالة التأويل عند أهل الأصول أنه لا يخلو من واحدة من ثلاث حالات بالتقسيم الصحيح:
الأولى: أن يكون صرف اللفظ عن ظاهره بدليل صحيح في نفس الأمر يدل على ذلك، وهذا هو التأويل المسمى عندهم بالتأويل الصحيح، والتأويل القريب كقوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيح: «الجار أحق بصَقَبِه» فإن ظاهره المبادر منه ثبوت الشفعة للجار، وحمل الجار في هذا الحديث على خصوص الشريك المقاسم حمل له على محتمل مرجوح، إلا أنه دل عليه الحديث الصحيح المصرح بأنه إذا صرفت الطرق وضربت الحدود، فلا شفعة.